قانون سانت ليغو المعدل لعام 2023 "رؤية في الدلالات والمسوغات"

مرة اخرى تتفق أغلب القوى السياسية العراقية داخل البرلمان على اعادة تشريع قانون جديد للانتخابات "قانون سانت ليغو المعدل" أو العراقي مع جعل المحافظة دائرة انتخابية واحدة ضمن معامل قسمة يبدأ بـ 1.7 بدل أن يبدأ بـرقم 1 ، وهو معامل القسمة الرئيس في قانون سانت ليغو الاصلي ، هذا القانون المعدل كان معمولاً به في العراق على مستوى الانتخابات الماضية بمعاملات قسمة وصلت إلى 1.9 إلى أن جاءت احتجاجات تشرين عام 2019 وأجبرت القوى السياسية على الغاءه وتطبيق قانون الفائز الأعلى ضمن دوائر متعددة على مستوى المحافظات في انتخابات عام 2021.

Image


مرة اخرى تتفق أغلب القوى السياسية العراقية داخل البرلمان على اعادة تشريع قانون جديد للانتخابات "قانون سانت ليغو المعدل" أو العراقي مع جعل المحافظة دائرة انتخابية واحدة ضمن معامل قسمة يبدأ بـ 1.7 بدل أن يبدأ بـرقم 1 ، وهو معامل القسمة الرئيس في قانون سانت ليغو الاصلي ، هذا القانون المعدل كان معمولاً به في العراق على مستوى الانتخابات الماضية بمعاملات قسمة وصلت إلى 1.9 إلى أن جاءت احتجاجات تشرين عام 2019 وأجبرت القوى السياسية على الغاءه وتطبيق قانون الفائز الأعلى ضمن دوائر متعددة على مستوى المحافظات في انتخابات عام 2021. بيد أن قانون الفائز الاعلى والدوائر المتعددة شتت بشكل كبير من زخم وحضور الكثير من القوى السياسية الكلاسيكية الكبيرة والتي لا تمتلك تنظيماً سياسياً قوياً مما أدى الى خسارتها في الانتخابات.

بالعموم، مُرر هذا القانون ضمن ظروف سياسية ومجتمعية خاصة فضلاً عن تداعيات الفراغ الذي تركته الكتلة الصدرية المنسحبة داخل مجلس النواب مما قاد لتحقيق أغلبية سهلة ما بين القوى السياسية الكردية والسنية وقوى الاطار التنسيقي الشيعي مع معارضة بعض النواب المستقلين الشيعة لكن لم تكن لمعارضتهم قيمة كبيرة في ايقاف تمرير هذا القانون في ظل غياب رأي واضح ومعلن للتيار الصدري من خارج البرلمان حول هذا القانون. .

ولعل الموجبات التي دفعت القوى السياسية العراقية الى العودة الى قانون سانت ليغو ضمن الدائرة الواحدة بمعامل قسمة 1.7 تتمثل في الآتي:

  1. أن الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها قوى الإطار التنسيقي الشيعية كانت كبيرة للغاية ضمن قانون الفائز الاعلى ذو الدوائر المتعددة، حيث قاد هذا القانون لصعود أكثر من 60 نائب مستقل الى البرلمان العراقي بمعزل عن قادة وزعماء الكتل السياسيين والهيمنة التي كانوا يفرضونها. 
  2. عانت قوى الإطار التنسيقي بشكل كبير من هذه الخسارة واضطرت للدخول الى مواجهة مسلحة من أجل الحفاظ على نفسها وسلطتها في البلاد، مما حذى بها بعد انسحاب التيار الصدري إلى إعادة القانون القديم لضمان بقائها في السلطة لفترات قادمة.
  3. لم تكن عملية تشكيل الحكومة سهلة بما يكفي بعد عام 2021 بسبب تشتت أعداد كبيرة من النواب ومن ضمنهم المستقلين، حيث عانت القوى السياسية الكلاسيكية السنية والشيعية والكردية بعد تمسك التيار الصدري بموقفه من فكرة حكومة الاغلبية، عانت كثيراً في عملية تحقيق النصاب وتمرير الحكومة، كون عمليات تشكيل الحكومة في الفترات السابقة كانت تحت سيطرة 8 الى 10 شخصيات في العراق من مختلف المكونات "نعني بهم قادة الكتل السياسية"، غير أن قانون الفائز الاعلى والدوائر المتعددة شتت امكانية حسم الأمور وتشكيل الحكومة بعد اختلال هذا التوازن السياسي وخسارة الكثير من الأقطاب السياسية العراقية مساحات للتأثير والنفوذ داخل البرلمان. لهذا اصرت هذه القوى بعد عودتها للبرلمان وتشكيل الحكومة على إعادة قانون سانت ليغو من جديد لكي لا تمر بهذه التجربة مرة أخرى.
  4. إتفاق قوى الإطار التنسيقي والقوى السياسية الشيعية والكردية على تمرير قانون الانتخابات بهذا الشكل قبل تمرير قانون الموازنة، حيث أن هناك مؤشرات سياسية و تسريبات تشير إلى احتمالية عودة التيار الصدري للاحتجاج من جديد بعد اقرار الموازنة، لهذا عملت القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية على تمرير قانون الانتخابات اولاً، من ثَم نقاش مسودة الموازنة خلال الفترة القادمة لغرض تمريرها واستعداداً لأي طارئ يمكن أن يحدث وصولاً الى انتخابات مبكرة ، حيث أمنت قوى الإطار التنسيقي هذا الطريق مسبقاً قبل نزول التيار الصدري للشوارع من خلال إقرار قانون انتخابات مناسب لها.
  5. وبشكلٍ عام، لا يمكن الحديث عن قانون انتخابي كامل المواصفات، حيث أن لكل قانون عيوب ومميزات، فمن بين عيوب ومميزات قانون انتخابات عام 2021 ذو الدوائر المتعددة والفائز الأعلى وعيوب ومميزات قانون سانت ليغو ذو الدائرة الواحدة 1.7  هي:

• أن في قانون الفائز الأعلى توجد نسبة كبيرة من تشتيت الأصوات وهدرها ، حيث مثلت بعض الدوائر بأقل من 20% من نسبة المصوتين الفعليين ، أي ما يعني أن هناك أكثر من 80% من الأصوات تم إهدارها ولم يحصلوا على تمثيل حقيقي ، بينما في قانون سانت ليغو بشكل عام لا يحدث مثل هذا الهدر.

• سيحقق قانون سانت ليغو المعدل الحالي والمقر عام 2023 ذو معامل قسمة 1.7 سيحقق أغلبية كبيرة للقوى السياسية الكبيرة بينما سد الباب امام الترشيح الفردي او ترشيح المستقلين من جديد إلا ضمن قوائم انتخابية وأحزاب سياسية مما يعني زيادة الاعتماد على المال السياسي واستقطاب المرشحين لأغراض جمع الأصوات فقط والصعود بها وليس لاغراض حزبية ، بينما لو كان معامل القسمة 1 لكانت النتائج ستكون أقل حدة وستسمح للكتل السياسية الصغيرة التي لا تمتلك مالاً كثيراً او جماهيراً واسعة من التمثيل داخل البرلمان.

• إن فكرة قانون سانت ليغو تعتمد على علاقة مباشرة مع نسبة المشاركة، حيث كلما ازدادت نسبة المشاركة كلما ارتفعت قيمة المقعد (كأصوات) وكلما قلت المشاركة كلما قلت قيمة المقعد كأصوات. بمعنى آخر، لو تحدث مشاركات كبيرة تصل الى 50 او 60 % من قبل الجمهور العام، لأصبحت عملية فوز الأحزاب الكلاسيكية صعبة للغاية، حيث ان الجمهور العام غير الحزبي يمكن أن يقلب الطاولة على الجمهور الحزبي إذا ما تحققت نسبة مشاركة عالية.

• بيد أن القوى السياسية أصرَت على إعادة قانون سانت ليغو من جديد لكي يزداد إحباط الناس، كونه مقترن بتجربة سيئة لديها، وسيقود هذا الاحباط الى العزوف عن المشاركة مما سيمنح القوى السياسية الكلاسيكية فرصة العودة إلى السلطة.

• إجمالاً، خدم قانون سانت ليغو فكرة الكتل الكبيرة واغلق الباب أمام وجود الكتل الصغيرة داخل مجالس المحافظات ومجلس النواب، حيث يمكن النظر للجداول المرفقة والتي تبين الفرق بين قانون سانت ليغو بمعامل قسمة 1 و معامل قسمة 1.7 وكيف خسرت القوى السياسية الصغيرة 4 مقاعد حينما أعدنا القسمة على 1.7 بينما حصلت القوى السياسية الصغيرة على 4 مقاعد حينما قمنا بالقسمة على 1. 

ولتبيان كل هذه التفصيلات ،يمثل الجدول نموذج لتطبيق قانون سانت ليغو بطريقة افتراضية ضمن دائرة انتخابية فيها 13 مقعد ومجاميع اصوات مثبتة في الجداول، يجدر الانتباه ايضاً لانعدام الفرق تقريباً بين قانون سانت ليغو بمعامل قسمة 1.7 و 1.9 بالنسبة للكتل الكبيرة، حيث ان الخسارة ستكون مؤثرة على الكتل الصغيرة سواء كان القانون 1.7 او 1.9 ، لهذا نلاحظ أن النتائج بقيت كما هي ما بين 1.7 و 1.9، بينما تغيرت النتائج حينما كانت القسمة على 1 كما موضح في الجدول المرفق.

lang.evaluate content

التعليقات السابقة